فصل: تفسير الآيات (4- 5):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فروق لغوية دقيقة:

.الفرق بين الإظهار والإفشاء والجهر:

أن الإفشاء كثرة الإظهار ومنه أفشى القوم إذا كثر مالهم مثل أمشوا والفشاء كثرة المال ومثله المشاء وقريب منه النماء والصباء وقد أنمى القوم واصبوا وأمشوا وأفشوا إذا كثر مالهم ولهذا يقال فشا الخير في القوم أو الشر إذا ظهر بكثرة وفشا فيها الجرب إذا ظهر وكثر والإظهار يستعمل في كل شيء والإفشاء لا يصح إلا في ما لاتصح فيه الكثرة ولا يصح في ذلك ألا ترى أنك تقول هو ظاهرة المروءة ولا تقول كثير المروءة.

.الفرق بين الجهر والإظهار:

أن الجهر عموم الإظهار والمبالغة فيه الا ترى أنك إذا كشفت الأمر للرجل والرجلين قلت أظهرته لهما ولا تقول جهرت به إلا إذا أظهرته للجماعة الكثيرة فيزول الشك ولهذا قالوا {أرنا الله جهرة} أي عيانا لا شك معه وأصله رفع الصوت يقال جهر بالقراءة إذا رفع صوته بها وفي القرآن {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} أي بقرأءتك في صلاتك وصوت جهير رفيع الصوت ولهذا يتعدى بالباء فيقال جهرت به كما تقول رفع صوته به لأنه في معناه وهو في غير ذلك استعارة وأصل الجهر إظهار المعنى للنفس وغذا أخرج الشيء من وعاء أو بيت لم يكن ذلك جهرا وكان إظهار وقد يحصل الجهر نقيض الهمس لأن المعنى يظهر للنفس بظهور الصوت.

.الفرق بين الجهر والكشف:

أن الكشف مضمن بالزوال ولهذا يقال لله عز وجل كاشف الضر ولم يجز في نقيضه ساتر الضر لأن نقيضه من الستر ليس متضمنا بالثبات فيجرى مجراه في ثبات الضر كما جرى هو في زوال الضر والجهر غير مضمن بالزوال.

.الفرق بين الإعلان والجهر:

أن الإعلان خلاف الكتمان وهو إظهار المعنى للنفس ولا يقتضي رفع الصوت به والجهر يقتضي رفع الصوت به ومنه يال رجل جهير وجهوري إذا كان رفيع الصوت.

.الفرق بين البدو والظهور:

أن الظهور يكون بقصد وبغير قصد تقول استتر فلان ثم ظهر ويدل هذا على قصد للظهور ويقال ظهر أمر فلان إن لم يقصد لذلك فأما قوله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر} فمعنى ذلك الحدوث وكذلك قولك ظهرت في وجه حمرة أي حدثت ولم يعن أنها كانت فيه فظهرت والبدو ما يكون في وجهه حمرة أي حدثت ولم يعن أنها كانت فيه فظهرت والبدو ما يكون بغير قصد تقول بدا لابرق وبدا الصبح وبدت الشمس وبدا لي في الشيء لأنك لم تقصد للبدو وقيل في هذا بدو وفي الأول بدء وبين المعنيين فرق والأصل واحد.

.الفرق بين الكتمان والإخفاء والستر والحجاب:

وما يقرب من ذلك أن الكتمان هو السكوت عن المعنى وقوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات} أي يسكتون عن ذكره والإخفاء يكون في ذلك وفي غيره والشاهد أنك تقول أخفيت الدرهم في الثوب ولا تقول كتمت ذلك وتقول كتمت المنى وأخفيته فالاخفاء أعم من الكتمان.

.الفرق بين قولك سترته وبين قولك كننته:

أن معنى وكننه صنته والموضع الكنين وهو المصون وذلك يكون كنينا وإن لم يكن مستورا وقيل الدر المكنون لأنه في حق يصان فيه وجارية مكنونة في الحجاب أي مصونة قال الأعشى من السريع:
وبيضة في الدعص مكنونة

والبيضة ليست بمستورة وإنما هي مصونة عن الترجرج والانكاسر واكتننت الشيء في نفسي إذا صنته عن الأداء ودخلت فيه الألف واللام على معنى جعلت له كذا وفي القرآن: {ما تكن صدورهم}

.الفرق بين الغشاء والغطاء:

أن الغشاء قد يكون رقيقا يبين ما تحته ويتوهم الرائي أنه لا شيء عليه لرقته ومن ثم سميت أغشيته البدن وهي أعصاب رقيقة قد غشي بها كثير من أعضاء البدن مثل الكبد والطحال فالغطاء يقتضي ستر ما تحته والغشاء لا يقتضي ذلك ومن ثم قيل غشي على الإنسان لن ما يعتريه من الغشي ليس بشيء بين والغطاء لا يكون إلا كثيفا ملاصقا وقيل الغشاء يكون من جنس الشيء والغطاء ما يقتضيه من جنسه كان أو من غير جنسه ولذلك تقول تغطيت بالثياب ولا تقول تغشيت بها فإن استعمل الغشاء موضع الغطاء فعلى التوسع.

.الفرق بين الغطاء والستر:

أن الستر ما يسترك عن غيرك وإن لم يكن ملاصقا لك مثل الحائط والجبل والغطاء لا يكون إلا ملاصقا ألا ترى أنك تقول تستري بالحيطان ولا تقول تغطيت بالحيطان وإنما تغطيت بالثياب لأنها ملاصقة لك والغشاء أيضا لا يكون إلا ملاصقا.

.الفرق بين الستر والحجاب والغطاء:

أنك تقول حجبني فلان عن كذا ولا تقول سترني عنه ولا غطاني وتقول احتجبت بشيء كما تقول تسترت فالحجاب هو المانع والممنوع به والستر هو المستور به ويجوز أن يقال حجاب الشيء ما قصده ستره ألا ترى أنك لا تقول لمن منع غيره من الدخول إلى الرئيس داره من غير قصد المنع له إنه حجبه وإنما يقال حجبه إذا قصد منعه ولا تقول احتجبت بالبيت إلا إذا قصدت منع غيرك عن مشاهدتك ألا ترى أنك إذا جلست في البيت ولم تقصد ذلك لم تقل إنك قد احتججت وفرق آخر أن الستر لا يمنع من الدخول على المستور والحجاب يمنع. اهـ.

.تفسير الآيات (4- 5):

قوله تعالى: {إِنْ تتُوبا إِلى الله فقدْ صغتْ قُلُوبُكُما وإِنْ تظاهرا عليْهِ فإِنّ الله هُو موْلاهُ وجِبْرِيلُ وصالِحُ الْمُؤْمِنِين والْملائِكةُ بعْد ذلِك ظهِيرٌ (4) عسى ربُّهُ إِنْ طلّقكُنّ أنْ يُبْدِلهُ أزْواجا خيْرا مِنْكُنّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثيِّباتٍ وأبْكارا (5)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما عرف من هذا أن المعاتب المنبئة ومن نباته، وكان قد يكون عددا أشار إلى أنه واحد فالمعاتب اثنتان، وكانتا قد اتسعت قلوبهما لما يأتي من قبل الله من الرغائب بهذا العتاب على هذا الأمر الخفي جدا والكرم عليهما فيه بعدم الاستقصاء فمالت قلوبهما إلى المعالي وغاصت على جليل المعارف فصاغت من جواهر ذلك دقيق المعاني، لفت إليهما الخطاب بلطيف العباد لشريف المتاب، فقال تشريفا آخر له صلى الله عليه وسلم بالإقبال على نسائه رضي الله تعالى عنهن بالعتاب لأجله قياما عنه بما ربما أزعجه لو باشره حفظا لخاطره الشريف مما قد يغره {إن تتوبا} أي يا عائشة ويا حفصة مما صنعته حفصة بالإفشاء وعائشة بالاحتيال على المنع من شرب العسل والتحليف على مارية {إلى الله} أي الملك الذي أحاط علمه فجلت قدرته ولطف بهما لأجله صلى الله عليه وسلم غاية اللطف في قوله: {فقد صغت} أي مالت وغاضت بما صاغت {قلوبكما} وفي جمع القلوب جمع كثرة تأكيد لما فهمته من ميل القلب بكثرة المعارف بما أفادهما إظهار هذا السر والعتاب عليه من الحياء، فصارتا جديرتين بالمبادرة إلى التوبة متأهلتين لذلك غاية التأهل.
ولما أورد ما صارتا حقيقيتين به بأداة الشك إقامة للسامع بين الخوف والرجاء من ذلك وهو أعلم مما يكون أكمل ذلك بذكر شق الخوف، فقال معلما بأن الملك وأوليائه أنصار له {وإن تظاهرا} بالتشديد للإدغام في قراءة الجماعة لأن النظر هنا إن وقع كان على وجه الخفاء في أعمال الحيلة في أمر مارية رضي الله عنها والعسل وما يأتي من مثل ذلك ما يبعث عليه الغيرة {عليه} أي النبي صلى الله عليه وسلم المنبأ من قبل الله بما يرفع قدره ويعلي ذكره، وقراءة الكوفيين بالتخفيف بإسقاط إحدى التاءين إشارة إلى سهولة أمر هذه المظاهرة وقلة أذاها له صلى الله عليه وسلم.
ولما كان المعنى كأنه لا يبالي بمظاهرة كما عبر عنه بعلته، فقال مؤكدا إعلاما بأن حال المتظاهرين عليه حال المنكر لمضمون الكلام: {فإن الله} أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له {هو} أي بنفسه الأقدس وحضرة غيب غيبه التي لا يقوم لما لها من العظمة شيء {مولاه} أي ناصره والمتولي من أمره ما يتولاه القريب الصديق القادر وكل من له وعي يعلم كفايته سبحانه في ذلك فهو يعمل أبلغ ما يعمله مولى مع من هو متول لأمره وفي معاونته لنبيه صلى الله عليه وسلم إظهار لشرفه ومراعاة لحفظ خاطره وشرح لصدره.
ولما كانت النفوس لمبنى هذه الدار على حكمة الأسباب مؤكلة بها ناظرة أتم نظر إليها، وكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة ما يتلى في بيوتهن من آيات الله والحكمة على لسان جبريل عليه الصلاة والسلام وكثرة تردده إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيوتهن ويعلمهن قد صار عندهن بذلك من الأسباب الظاهرة المألوفة، وكان هو أعظم أنصار النبي صلى الله عليه وسلم قال: {وجبريل} لأنه من أعظم الأسباب التي يقيمها الله سبحانه.
ولما كان الحامل على مظاهرته صلى الله عليه وسلم على كل ما يريده الإيمان فكل ما كان الإنسان فيه أمكن كان له أشد مظاهرة وأعون قال: {وصالح المؤمنين} أي الراسخين في رتبة الإيمان والصلاح من الإنس والجن وأبواهما- رضى الله عنهما- أعظم مراد بهذا، وقد روي أن عمر-رضي الله عنه- قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أمرتني لأضربن عنقها، والصالح وإن كان لفظه مفردا فمعناه الجمع المستغرق لأنه للجنس، ودل على ذلك مع دلالة السياق إضافته للجمع ولعله عبر بالإفراد مع أن هذا المراد للإشارة إلى قلة المتصف بهذا جدا لقلة الراسخين في الإيمان وقلة الراسخين في الصلاح من الراسخين في الإيمان فهو قليل من قليل وقد جوز بعضهم أن يكون جمعا وأنه حذفت واؤه في الرسم على خلاف القياس وهي محذوفة في الوصل لالتقاء الساكنين، فظن لذلك مفردا ودخل في ذلك جبريل عليه السلام أيضا.
ولما كان الله سبحانه وتعالى قد أعطى الملائكة من القوى والتصرف في الظواهر.
والبواطن ما يجل عن الوصف، قال تعظيما للمقام بعد تعظيمه بما ذكر من رئيس الكروبيين عليهم الصلاة والسلام {والملائكة} أي كلهم ومنهم جبريل عليهم الصلاة والسلام فهو مذكور خصوصا وعموما ثلاث مرات إظهارا لشدة محبته وموالاته للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولما كان المراد التعميم في الزمان والمكان بعد التعميم في الصالحين من الملائكة والإنس والجان، قال من غير جار معظما لنصرة الملائكة لما لهم من العظمة في القلوب لما تقرر لمن باشر منهم العذاب تارة بالرجفة وأخرى بالصعقة وتارة بالخسف وأخرى بغير ذلك، فكيف إذا تصور الآدمي المقيد بالمحسوسات اجتماعهم على ما لهم من الأشكال المهولة {بعد ذلك} أي الأمر العظيم الذي تقدم ذكره وهو مظاهرة الله ومن ذكر معه {ظهير} أخبر عن الجمع باسم الجنس إشارة إلى أنهم على كلمة واحدة في المظاهرة، فخوف بهذا كله لأجل المتاب لطفا به صلى الله عليه وسلم وإظهارا لعظمته وفي قصة صاحب ياسين قال: {وما أنزلنا على قومه} الآية، تحقيرا لقومه وإهانة لهم، ويجوز أن يكون {ظهير} خبر جبريل عليه الصلاة والسلام، وخبر ما بعده محذوف لدلالته عليه أي كذلك.
ولما حذر بما تقدم، زاد في التحذير ما يقطع القلوب لأن أشد ما على المرأة أن تطلق ثم إذا طلقت أن تستبدل بها ثم أن يكون البدل خيرا منها فقال مبينا لأدنى أنواع المظاهرة سائقا الأمر مساق الرجاء إشارة إلى أنه يكفي العاقل في الخوف تجويز احتمال الضرر فكيف إذا كان الأمر حتما لأن من المعلوم أن {عسى} من الله على طريق الكبراء لاسيما الملوك في اكتفائهم بالإشارات والرموز فمن هنا كانت واجبة لأنه ملك الملوك وهو ذو الكبرياء في الحقيقة لا غيره {عسى ربه} أي المسحن إليه بجميع أنواع الإحسان التي عرفتموها وما لم تعرفوه جدير وحقيق، ووسط بينها وبين خبرها اهتماما وتخويفا قوله: {إن طلقكن} أي بنفسه من غير اعتراض عليه جمع أو بعضكن بإيجاد الطلاق لمن لم يطلقها وإدامته من طلقها {أن يبدّله} منكن بمجرد طلاقه لكن من غير أن تحوجه إلى التفتيش تبديلا مبالغا فيه بما أشارت إليه قراءة نافع وأبي جفعر وأبي عمرو بالتشديد، فهي أبلغ من قراءة الباقين بالتخفيف الدال على مطلق الإبدال الصالح للمبالغ فيه وغيره، ومن التشريف أيضا إضافة الطلاق إليه والإبدال إلى الله مع التعبير بصفة الإحسان وتخصيص الإضافة! بضميره.
ولما كان الأوجع لقب الحرة حرة مثلها لا سرية قال: {أزواجا} ولما كان علوها عليها في الرتبة هو النهاية في التأسيف قال: {خيرا} ودل على أنها للتفضيل بقوله: {منكن} وهذا على سبيل الفرض وعام في الدنيا والآخرة فلا يقتضي وجود من هو خير منهن مطلقا وإن قيل بوجوده في خديجة رضي الله عنها لما جرب من تحاملها على نفسها في حقه صلى الله عليه وسلم وبلوغها في حبه والأدب معه ظاهرا وباطنا النهاية القصوى ومريم عليها السلام التي أحصنت فرجها حتى كانت من القانتين، وذلك في الآخرة، والكلام خارج مخرج الشرط بالطلاق وقد علم سبحانه أنه لا يقع لكنه سبحانه علم أنه لو وقع أبدله صلى الله عليه وسلم من هو بالصفات المذكورة المقتضية للإخلاص في طاعته كما أشار إليه {قانتات} ولا شك أن من لازم طاعته وقيد الاتصال به في الدارين كان خيرا من غيره، وتعليق تطلق الكل لا يدل على أنه لم يطلق حفصة رضي الله عنها فقد روي أنه طلقها ولم يزدها ذلك إلا فضلا من الله تعالى لأن الله تعالى أمره بأن يراجعها لأنها صوامة قوامه- والله الموفق.
ولما وعد بما ذكر، وكان أول منظور إليه الظاهر، فصل ذلك الوعد وفسر الخيرية بادئا بقوله: {مسلمات} أي ملقيات لجميع قيادهن ظاهرا وباطنا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم على وجه الخضوع.
ولما كان المشاهد من الإسلام إنما هو الظاهر قال: {مؤمنات} أي راسخات في القوة العلمية بتصديق الباطن.
ولما كان ذلك قد يكون فيه نوع شوب قال: {قانتات} أي مخلصات في ذلك لا شائبة في شيء منه فهن في غاية ما يكون من إدامة الطاعة له من الذل والانكسار والمبادرة إلى امتثال أمره صلى الله عليه وسلم في المنشط والمكره.
ولما كان الإنسان مجبولا على النقصان، وكان الإخلاص يدل صاحبه على تقصيره فكان ربما فتره ذلك، قال تسهيلا لخدمته وتقريبا لدوام طاعته معلما الأدب لمحتاجه {تائبات} أي راجعات من الهفوات أو الزلات سريعا إن وقع منهن شيء من ذلك.
ولما كان هذا مصححا للعبادة مسهلا لدوامها قال: {عابدات} أي مديمات للعبادة بسبب إدامة تجديد التوبة.
ولما كان دوام العبادة مسهلا للخروج عن الدنيا قال: {سائحات} أي متصفات بصفات الملائكة من التخلي عن الدنيا والاستغراق في الآخرة بما أدناه الصيام ماضيات في ذلك غاية المضاء ليتم الانقياد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، لأن من كان هكذا لم يكن له مراد، فكان تابعا لربه في أمره دائما ويصير لطيف الذات حلو الشمائل، قال الملوي: والمرأة إذا كانت كثيرة الصيام قليلة الأكل يقل عرقها ويصغر كرشها وتلطف رائحتها وتخف حركتها لما يراد منها- انتهى.
وسوق هذه الأوصاف هذا السياق في عتاب من هو متصف بها معرف أن المراد منها التمام لاسيما وهي لا يوجد وصف منها على سبيل الرسوخ إلا كان مستلزما لسائرها، فلذلك لم يحتج في تعدادها إلى العطف بالواو.
والتجريد عنه أقعد في الدلالة على إرادة اجتماعها كلها.
ولما أكمل الصفات الدينية النافعة في أمر العشرة ولم يبق إلا الصفات الكونية وكان التنويع إلى عارفة بالعشرة وباقية على أصل الفطرة، ألذ وأشهى إلى النفس، قال مقسما للنساء المتصفات بالصفات الست عاطفا ثاني الوصفين بالواو للتضاد {ثيبات} قدمهن لأنهن أخبر بالعشرة التي هذا سياقها {وأبكارا}. اهـ.